القديسة ماري فوستينا كوفالسكا

1905 - 1938

تُعرف أيضا باسم: إيلينا كوفالسكا، فوستينا كوفالسكا، هيلينا كوفالسكا، ماريا فوستينا كوفالسكا، الأخت فوستينا.

يوم عيدها : 5 تشرين الأول/ أكتوبر

وُلدت هيلينا كوفالسكا – الثالثة بين عشرة أطفال- في 25 آب / أغسطس عام 1905 في قرية بولونية صغيرة تدعى غلوكويس. والدها هما ستانسلاس و ماريان كوفالسكا. كانوا فقراء لكن سعداء. حتى وهي فتاة صغيرة كانت مشاعرها الحقيقية والصادقة للرب واضحة جداً مثل وضوح عنايتها بالفقراء. بدأت دراستها وهي في الثانية عشرة من عمرها وعندما كانت في سن السابعةعشرة - التاسعة عشرة عرفت مصيرها. كانت تُفضّل أن تقضي كل وقت فراغها أمام القربان المقدس بدلا من قضائه مع أصدقائها. كانت تذهب إلى الاعتراف بانتظام شديد كل أسبوع. شعر والداها بالإنزعاج من حديثها عن الرؤى والأنوار الساطعة. اعتبرا ذلك أكاذيباً وأوهاماً وحاولا إيقاف صلواتها الليلية التي عذبت نفسها بها. كانا عاجزين عن رؤية الضوء الغريب الذي يسطع في غرفتها وبيقيها مستيقظة.

كانت العائلة بحاجة ماسة لعمل هيلينا، وفي عام 1921 عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها، بدأت العمل كخادمة لمساعدة والديها مادياً. و عندما كانت في الثامنة عشرة أرادت أن تصبح راهبة، لكنّ والديها لم يملكا سوى القليل جدا من المال، فكان عليها أن تعمل جاهدة للحصول على المال من أجل دفع الدوطة. دخلت هيلينا دير جمعية سيدة الرحمة للراهبات المجدليات. وقد أوجدت تريزا بوتاكا هذه الرهبنة عام 1862 في بولندا، حيث علّمت واهتمت بالأشخاص الذين لولا ذلك كان سينتهي بهم المطاف للعيش في المجارير . في عام 1928 أبرزت هيلينا نذورها الأولية وبعد خمس سنوات أبرزت نذورها المؤبدة وأصبحت تُعرف باسم الأخت ماريا فوستينا، والذي يعني المفضَلة.

عملت في عدة أديرة كمساعدة في المطبخ، بستانية، وناطورة المدخل. لم تكن تختلف خارجياً عن أيّ من أخواتها الراهبات، سوى كون حياتها الروحية والرهبانية عميقة وقد أثرت في العديد من الأشخاص. في عيد الحبل بلا دنس ظهرت السيدة العذراء لفوستينا وأخبرتها بأنها تريد أن تكون أمّاً لها بطريقة مختلفة جداً و تريها طريق الكمال في كل شيء. كانت عظيمة في تواضعها، كما قالت لها القديسة مريم:" التواضع، التواضع، التواضع". كثيراً ما تمتعت بصحبة الملائكة وظهر لها الطفل يسوع أيضاً. وقد عاشت آلام المسيح كما لو أنها كانت موجودة حينها، ونالت معرفة أسرارٍ عظيمة عن الثالوث الأقدس. صلّت كثيرا من أجل النفوس المعذبة في المطهر، وكثيرأً ما سمح الله لهذه النفوس بأن تطلب مساعدة فوستينا وعونها لتخفيف آلامهم وعذابهم. وكانت مهتمة أيضا أكثر بالمشرفين على الموت، وقد كتبت:"اليوم، رأيتُ يسوع يحارب الموت وهمس لي: يا ابنتي، ساعديني لأربح نفوس كل الخطأة. فهمتُ كيف لي أن أخلّص معظمهم، واستعديتُ لأقاسي حتى أشدَ الآلام. ازدادت معاناتي وشعرت بالجروح في يديّ، قدميّ، وجنبي. شعرتُ بكره عدو النفس لي، لكنّه لم يكن قادراً على إلحاق أي أذى بي. كثيراً ما كتبت عن كونها على اتصال مع الأشخاص المشرفين على الموت، غالباً من مسافة بعيدة. مِن خلال الصلاة كانت قادرة أن تحصل على توبتهم وارتدادهم إلى الرب القدوس، وهو الحب، ويعطيهم الإيمان.

رأت الأخت فوستينا يسوع لأول مرة في بلوك، بولندا في 22 شباط / فبراير عام 1931، وتخبرنا عن ذلك ما يلي: "عندما كنتُ في غرفتي في المساء، رأيتُ يسوع مرتديا رداء أبيض. كانت يده اليمنى مرفوعة تبارك ويده اليسرى تلامس رداءه من مستوى قلبه. من ردائه الذي كان مفتوحاً قليلاً يسطع شعاعان جميلان من قلبه، أحدهما أحمر والآخر أبيض. كنتُ أحدّق بصمت بسيّدي يسوع، ونفسي يعتريها الخوف والفرح معاً، بعد وقت قصير جداً، قال لي مخلصنا:"أرسمي لوحة لي، تماماً كما ترينني الآن، وتحت هذه اللوحة يجب أن تضعي الكلمات التالية: - يا يسوع أنا أثق بك- أرغب في أن تُكرّم هذه الصورة في كنيستك أولاً ومن ثَمّ في العالم أجمع." كانت مهمتها أن تجعل حبّ يسوع الرحيم معروفاً في العالم. على كلّ الكهنة أن يُعلّموا كم هي عظيمة ورائعة رحمة يسوع. يطلب يسوع أيضاً ارتداد كل الخطأة حتى يتمكنوا من القدوم إليه دون خوف. بدأتْ رسالتها في عام 1933 ولهذه الرسالة الآن أهمية كبيرة. يُحتفَل بعيد الرحمة الإلهية في الأحد الذي يلي أحد الفصح في كل الكنائس.

في 25 أيار / مايو عام 1933 غادرت الأخت فوستينا كراكوفيا لتذهب إلى فيلنوس. وعندما وصلت إلى هناك، قابلت الأب سوبوكو الذي سيصبح كاهن الإعتراف لها. بعد مناقشة و تشاور طويلين حول رسم لوحة المسيح- الرحمة الإلهية – وافق الأب سوبوكو، لكنّه أراد ان يعرف معنى الشعاعين والأبيض و الأحمر المنبثقين قلب يسوع. سألت الأخت فوستينا يسوع وشرح لها: " هما الماء والدم. الأبيض هو الماء الذي يطهّر نفوس الخطأة، والأحمر هو الدم الذي هو حياة النفوس. لقد فاضا مني عندما طُعنت على الصليب. هذان الشعاعان يحميان النفوس من غضب أبي – هذا يعني العقاب العادل عن كل خطايانا نحن البشر وكل أعمالنا الشريرة- ". في الأحد الذي يلي عيد الفصح ( ضمن ثمانيّة الفصح) عام 1935، عُرضت الأيقونة بشكل علني لأول مرة في كنيسة القديسة العذراء في أوسترا براما، وعلى الفور ظهرت الرحمة الإلهية جليّة من خلال بركات وحالات توبة عديدة.

يوم الجمعة 8 كانون الأول / ديسمبر 1937 شعرت الأخت فوستينا بشكل قوي بقرب الرب منها خلال القداس الإلهي، و بعد المناولة، نظرت إليه وهي ممتلئة إيماناً وثقة وطلبت منه:" يا يسوع أتوسل إليك بحق رحمتك العظيمة، أرجوك أن تنجي نفوس كل الذين سيموتون اليوم من نيران الجحيم، حتى وإن كانوا أعظم الخطأة. اليوم هو الجمعة، هو يوم عذابك المرير على الصليب، لأنّ رحمتك بدون حدود، حتى الملائكة سيندهشون مما سيرونه". ضمّها السيد السيح بعطف إلى قلبه الإلهي وقال:"يا ابنتي التي أحبها كثيراً أنتِ تفهمين جيداً عمق رحمتي. اعلمي أنّ ما تطلبينه هو علامة عظيمة على رحمتي، لكنني سأفعل كما تطلبين". طلب منها الأب المُعرّف أن تحتفظ بمذكرات روحية، وقد كتبتها في ستة أجزاء.

في شباط / فبراير عام 1938، قبل وفاتها بعدة أشهر، رأت الأخت فوستينا في رؤيا، القديسة مريم العذراء. ظهرت العذراء لفوستينا في نور عظيم، مرتدية ثوباً أبيض وحزاماً ذهبياً. ارتدت على رأسها وشاحاً وفوقه تاج ذهبي، حملت في يديها الطفل يسوع. نظرت القديسة العذراء إلى فوستينا وقالت:

" أنا أمّ الكهنوت"

ثم وضعت طفلها على الأرض، رفعت يدها اليمنى إلى السماء، نظرت إلى فوستينا وقالت:

" يا إلهي ، بارك بولندا، بارك الكهنة "

ثم نظرت إلى الأخت فوستينا مرة أخرى وقالت:

" أخبري الكاهن ما رأيتِه للتو "

قامت الأخت فوستينا بالكثير من أعمال الرحمة تجاه الآخرين من أخواتها الراهبات، الأطفال الأيتام و الأشخاص الذين يأتون إلى الدير خصوصاً إلى الباب المقوّس حتى وفاتها. منذ عام 1933، عانت الأخت فوستينا من السلّ الذي تعذّبت بسببه بصمت ولم تَعلم رئيستها عنه شيئاً. في كانون الأول / ديسمبر 1936 ذهبت إلى مصحة مدة أربعة أشهر وعادت إليها ثانية عام 1938 لخمسة أشهر أخرى. خلال مكوثها هناك، صلّت بحرارة وبشدة من أجل المنازعين، حتى عندما كانت حالتها لا تُطاق، وكانت نتيجة ذلك حالات توبة عديدة. قامت بذلك من خلال تلاوة " مسبحة الرحمة الإلهية" على نياتهم، وهي الصلاة التي اعطيت لها في13- 14 كانون الأول / ديسمبر عام 1935. توفيت الأخت فوستينا بعطر القداسة يوم الخامس من تشرين الأول /أكتوبر 1938 في الدير الأم في لاغيفنيكي قرب كراكوفيا وكانت في الثالثة والثلاثين من عمرها. استمرت عملية جمع المعلومات عنها بين عامي 1965 وَ 1967 وكانت كلها عن حياتها، أفراحها، وأعمالها وقد أنهاها الكاردينال فويتيلا. خلال هذه الفترة، في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 1966، نُقلت رفاتها إلى كنيسة راهبات الرحمة الإلهية في لاغيفنيكي قرب كراكوفيا. فُتحت دعوى تطويبها في كانون الثاني / يناير عام 1968و في الأحد الذي يلي عيد الفصح، 18 نيسان / أبريل 1993، يوم الرحمة الإلهية لقلب يسوع الأقدس، أعلِنت فوستينا طوباوية في روما. وأصبحت قديسة في 30 نيسان / أبريل عام 2000. وقد أعلن البابا يوحنا بولس الثاني الأحد الذي يلي عيد الفصح أحد أو عيد الرحمة الإلهية.

كانت الأحداث التالية أشدّ إثارة للدهشة، فقد انتشرت العبادة للرحمة الإلهية بسرعة كبيرة كالوباء خلال الحرب التي مزّقت بولندا، حيث أصبحت بطاقات الصلاة التي تُظهر صورة يسوع مع شعاعي النور المُنبثقين من صدره معروفة جدا. وقد زارت جموع غفيرة من الناس الدير في لاغيفنيكي حيث يوجد قبر فوستينا في الكنيسة الملاصقة للدير. أخبرت الراهبات الحجاج عن حب فوستينا واهتمامها الكبيرين ببولندا ، وأخبروهم أيضاً عن نبوءات فوستينا بأنّ حرباً ستحدث. أقيمت القداديس في كل مكان ، وتمّ الاحتفال بعيد الرحمة الإلهية في الأحد الذي يلي عيد الفصح. أعطى الأساقفة الإذن بطباعة بطاقات الصلاة ونشر الصورة. بحلول عام 1951 كان هناك 130 مركزاً مكرّساً للرحمة الإلهية في بولندا، وقد أخذ الجنود واللاجئون هذه العبادة إلى كلّ أنحاء العالم، كما تتولىّ الراهبات نشر رسالة الرحمة الإلهية.

الرسالة: 

إنّ رسالة القديسة فوستينا هي إعلان الرسائل عن حبّ الله الرحيم للبشر من خلال شهادة حياتها، بروح الثقة بالله و الرحمة للقريب بالعمل و القول و الصلاة و خصوصاً بممارسة التعبد للرحمة الإلهية بالطرق التي أعلنها الربّ يسوع للقديسة فوستينا ( صورة يسوع الرحيم، عيد الرحمة الإلهية، مسبحة الرحمة الإلهية و الصلاة في ساعة موت يسوع على الصليب و المعروفة باسم ساعة الرحمة ) و قد منح ربنا يسوع كلاً من هذه الطرق إضافة إلى نشر رسالة الرحمة الإلهية وعوداً عظيمة شرط ممارستها بشكل جيد يتمثّل بالثقة بالله (و تتميم مشيئته) و الرحمة بالقريب.

إعلان طوباويتها:

 تمّ في 18 نيسان / أبريل 1993 من قِبل البابا يوحنا بولس الثاني ، وكانت معجزة تطويبها شفاء مورين ديغان التي عانت من مرض ميلروي، وهي نوع وراثي من الوذمة اللمفية، والذي كلفها خسارة ساقها.

إعلان قداستها:

 تمّ في 30 نيسان / أبريل 2000 من قِبل البابا يوحنا بولس الثاني، وكانت معجزة إعلان قداستها شفاء الأب رونالد ب. بايتِل من مرض في القلب كان يعاني منه.