الزيتون- القاهرة (مصر)

السيدة العذراء أم النور

 1971-1968

 بُنيت كنيسة العذراء مريم في الزيتون عام 1924 وكُرِّست من قِبل أثناسيوس، أسقف بني سويف عام 1925، لذلك فهي لا تقع ضمن قائمة المباني التي يزيد عمرها عن مئة سنة والتي يحميها القانون، لكن بفضل فن عمارتها الجميل وكونها موقع معجزة مُعلنة، فقد أصبحت مركز جذب ومقصداً معروفاً للحجاج.

يزور الكنيسة أناس من كل الفئات والأماكن ليلاً نهاراً، يقول آباء الكنيسة، لذلك فإنّ ترميم الكنيسة كان يعتبر مناسباً، لا بل ضرورياً. وقد بُذل الكثير من الوقت والجهد في عملية الترميم المستمرة منذ كانون الثاني/ يناير عام 2000.

ظهرت السيدة العذراء فوق كنيسة القديس مرقس للأقباط ، وهي كنيسة مكرسة للعائلة المقدسة ، والتي تبعاً للتقليد استراحت في ذلك المكان أثناء إقامتها في مصر. حدثت الظهورات ( وهي تعد بالمئات ) في الليل، وكانت السيدة العذراء محاطة دائماً بالنور.

في الساعة الثامنة والنصف مساء من يوم الثلاثاء 2 نيسان/ أبريل عام 1968، بعد ساعة ونصف من غروب الشمس، تنبه الميكانيكيون والسائقون في الكراج بسبب وجود بعض الاضطراب في الشارع. ركض العمال إلى الشارع. شاهدوا سيدة شابة ترتدي اللون الأبيض فوق قبة الكنيسة. شاهدوها تمشي فوق القبة، ظنوا أنها على وشك أن ترمي نفسها إلى الأسفل، لذلك صرخوا:" انتبهي. كوني حذرة، يمكن أن تقعي ، انتظري." ولكون القبة منحنية فلا يمكن لأي شخص السير فوقها. عندها صرخ بعض المارة الذين توقفوا لمشاهدة المنظر " العذراء مريم ، العذراء مريم".

نظراًلكون عمال الكراج الذين كانوا يشاهدون الظهور جميعاً مسلمين فقد شاهدوا الظهور راكعين وأصيبوا بدهشة عارمة. والسيدة العذراء التي ظهرت بجسد نوراني تحركت على القبة وانحنت وركعت أمام صليب ابنها...

توقفت حركة المرور في شارع طومان باي وتوقف حشد كبير من الناس لمشاهدة الظهور. قدّم كل عمال الكراج الذين كانوا يعملون في ذلك الوقت تقارير تؤكد شهادتهم لكونهم جميعاً قد ذكروا نفس التفاصيل، وكذلك فعل الأب قسطنطين كاهن الكنيسة. أول شخص شاهد العذراء وهو مسلم يدعى فاروق محمد عطوة، كان يخضع لعدة عمليات جراحية بسبب إصابته بالغرغرينا، عندما ذهب في اليوم التالي إلى المستشفى من أجل العملية الجراحية المقرر إجراؤها له، أعطي شهادة بأنه قد شفي بشكل كامل.

وهكذا بدأت ثلاث سنوات من الزيارات الليلية شبه اليومية للعذراء مريم، ترافقت الزيارات مع أنوار غير عادية وسُحب كثيفة من البخور. كانت العذراء تشاهد أحياناً بشكل غامض و غالباً بوضوح تام، تبتسم، تنحني، تلوّح بغصن زيتون، تبارك، تصلي بحرارة، تقف منتصبة أو تركع أمام صليب ابنها. وقد تم تصوير هذه الظهورات ، التي غالباً ما كانت تستمر طوال الليل، تصويراً فوتوغرافياً، صوِّرت من قِبل التلفزيون، شاهدها الملايين، كُتب عنها من قبل علمانيين في أنحاء العالم وفي الصحافة الدينية، كذلك رآها أشخاص من ذوي المقامات الرفيعة من رجال الدين و السياسة مثل الرئيس المصري جمال عبد الناصر ومعروف عنه أنّه ماركسي.

كان الأشخاص المدهوشين من الظهورات يركعون على الأرض، يصلّون مسبحة الوردية، يرتلون التراتيل المسيحية.وقد أنشد المسلمون "مريم، الله اصطفاك... لقد اصطفاك فوق كل النساء" من القرآن. بعض الأشخاص لم يروا شيئاً، كثيرون غيرهم شاهدوا كل شيء ، مأخوذين بتألقها ساعة بعد أخرى، يشاهدون و يصلّون، يذهبون إلى منازلهم للراحة ثمّ يعودون ليجدوا أنها ما تزال هناك تحرسهم وتصلّي لأجلهم!

كلّف قداسة البابا كيرلس السادس لجنة مكونة من كهنة وأساقفة ذوي مكانة مرموقة التحقيق بالظهورات، ويوم الأحد 4 أيار/ مايو عام 1968 أعلنت الكنيسة القبطية الأرثودوكسية صحة الظهورات بعد تحقيق شامل كما عهد قداسة البابا كيرلس السادس مسؤولية توثيق الظهورات والمعجزات المصاحبة لها إلى لجنة خاصة ترأسها الأنبا غريغوريوس، أسقف الدراسات العليا، الثقافة القبطية والبحث العلمي.

 أقِرّت الظهورات أيضاً من قِبل البطريرك الكاثوليكي المحلي، الكاردينال استفانوس الأول، والذي صرّح بأنّ ظهورات العذراء مريم في الزيتون بعيدة عن أية شكوك وقد شاهدها العديد من أبنائه الأقباط الكاثوليك الموثوق بهم. كما أعلن الأب هنري عيروت، مدير كليّة العائلة المقدسة الكاثوليكية ( الرهبنة اليسوعية) قبوله للظهورات العجائبية للعذراء مريم قائلاً بأنّه سواء كنا كاثوليك أو أرثودوكس فنحن جميعاً أولادها وهي تحبنا جميعاً بالتساوي وإنّ ظهوراتها في كنيسة الزيتون للأقباط الأرثودوكس أكدت هذه الفكرة. القس الدكتور ابراهيم سيّد رئيس جميع الكهنة الإنجيليين في مصر أكّد أنّ هذه الظهورات كانت حقيقية. كذلك فقد شهدت الظهورات راهبات من جمعية القلب الأقدس و أرسلن تقريراً مفصَلاً إلى الفاتيكان، وفي مساء يوم الأحد 28 نيسان/ أبريل عام 1968 وصل مندوب من الفاتيكان، شاهد الظهورات وأرسل تقريراً إلى قداسة البابا بولس السادس بابا الفاتيكان.

أدّت الظهورات إلى وجود تغطية إعلامية واسعة دفعت البابا شنودة الثالث أن يطلب من رجل أعمال قبطي رعاية مشوع ضخم لترميم وتجديد الكنيسة وهو ما وافق عليه بكل سرور. تضمّن المشروع ترميماّ كاملاّ لواجهة الكنيسة، ترميم الأيقونات وزخرفات بالإستِنسِل، تجديد الأبواب الخشبية والقضبان الحديدية على النوافذ بالإضافة إلى تركيب أنظمة جديدة للكهرباء والتهوية.